ليش هون؟ وليش إسا؟

طول عمري أعطيت الانطباع إني متزنة، بشوشة، سهلة التعامل.

بالعشرينات، قال لي أستاذ بالجامعة: "أنتِ شكلك كبرتي بمعلقة ذهب، بلا صدمات تُذكر… ومع هيك عندك عمق وإدراك فطري واعي."

هاي الجملة اختصرت الصورة اللي رُسمت عني من الطفولة: "أنا تمام". ما جادلت، بس الحقيقة؟ كنت عايشة انفصال مزمن:

من برا قوية وتمام، من جوّا احيانا غايبة، احيانا مجزّأة، وأحيانا مش واثقة!

اليوم بفهم انه المفارقة هاي مش إلي لحالي. كتير ناس بظهروا متماسكين، سواء جايين من بيوت مليانة صدمات أو من ظروف ميسورة، بس جوّا مخبّين فجوات وأجزاء مفقودة. ومع هيك، اللي بيضل فينا محفوظ هو الحدس الخام… العمق الغريزي اللي ما بزول واحيانا متخبي.

أنا جيت على هاي الحياة أكون "كاسرة قوالب" ، كيف ما بسموها، أصلّح الروابط اللي انقطعت عبلا الأجيال وأرمم جروح سابقة. أخدلي سنين قبل ما أسمح لنفسي أمد جنحاني وأطير.

كبرت، تعلّمت، تزوجت، أنجبت… وهناك بلّشت تفتح عيوني على الأسئلة الصح:

 من أنا؟ شو نمط أمومتي؟ مين بستحق ثقتي؟ شو قِيَمي؟ وين حدودي وكيف أطبقها؟

بلشت أشوف الفجوات بين الحكي والأفعال من أقرب الناس لي، وأفهم كيف عقلي طول الطريق كان يتفادى الألم. عشان هيك كنت أظهر هادية، متقبلة، "سهلة". كم مرة شككت بنفسي إن اللي سمعته = ما صار! وإن اللي فهمته = غلط !

بررت الكثير من المواقف باسم "التعاطف""والتقبل المطلق"!

هيك اكتشفت الصدمة المعقّدة (CPTSD) وكيف شكّلتني من غير ما أعرف.

اليوم أنا أخصائية نفسية، أم لطفلين، مطلقة، وامرأة عم تستعيد صوتها وحدودها.

بكتب هون لأني بدي أشارك الحقيقة من مكان متصالح مع ذاته وآمن:

ما في "٥ خطوات للشفاء". ولا وصفة سحرية. ولا دواء مسكّن بيدوم. بس في طريق مليانة فضول، معرفة، أدوات جسدية ونفسية، ومجتمع صادق ما بخاف من مواجهة الأسئلة الصعبة.

هاي المدوّنة نواة لمجتمع بدي أبنيه معكم مشان نتعلّم فيه عن الصدمات المعقّدة، عن آليات التكيف اللي ابتكرناها، عن الانفصال الذهني، عن الذكريات الضايعة، عن القلق أو الحزن اللي ما بيروح… وعن كيف نضل حاضرين وقريبين من حالنا.

هون رح نفكك الخرافات، نوصل بين علم النفس الإكلينيكي وعلم الأعصاب وعلم النفس الاجتماعي، ونجرب مع بعض آليات بسيطة وممكنة تساعدنا بيومنا العادي.

هون مساحة مهنية وإنسانية، بدون احكام ولا أقنعة. مكان نرجع فيه لحالنا… ونمشي مع بعض خطوة بخطوة.

أهلا وسهلا فيكم بهالطريق برفقتي

ريم يحيى

أخصائية نفسية مجتمعية ومعالجة معتمدة